لو كان ما نراه اليوم يحصل في غزة يحصل في ولاية أمريكية أو مدينة أوروبية فهل كان العالم سيصمت؟ وهل ستظل الأمم المتحدة متفرجة ومجلس الأمن عاجزا؟!.. بالتأكيد لا!! ولكن بما أنّها دماء للمسلمين فهي لا تعني لهم شيئا.
نحن لا نريد من العالم أن يتحرك لإنقاذنا وحمايتنا ولكننا نستغرب ونتعجب صمت المسلمين، ويحيرنا إجماع حكوماتهم على عدم التحرك بجدية لإنقاذ هذا الشعب المضطهد!!
ألا يرى حكام المسلمين اليوم أشلاء الأطفال تتناثر ودماؤهم تسيل؟! ألا يشعرون بهم كما نشعر؟! أليست لديهم قلوب تتألم لهذا المصاب الجلل؟! أطفال رضع جاؤوا إلى الدنيا وهم لا يعلمون بأي عالم سيعيشون، لا يعلمون بأي زمن سيكونون.. زمن رخصت فيه دماء المسلمين، وهانوا فيه رغم كثرتهم، أنّه زمن الغثائية ولا ريب.
إنّها سنوات قليلة تفصلنا عن مقتل "محمد الدرة" تلك الحادثة التي حركت مئات الملايين من الأمة الإسلامية، واشعلت جذوة الإيمان في قلوبهم، وأظهرت المعنى الحقيقي للأخوة الإسلامية.. أمّا اليوم فمئات من "محمد الدرة" يتساقطون قتلى وجرحى ولكن.. أين الشعور يا أمة الإسلام؟!!.. أين الإيمان الحقيقي أيّها المسلمون؟!
أكاد أجزم أنّه لولا إعطاء بعض الحكومات الضوء الأخضر لإسرائيل في ارتكاب هذه المجازر لما أقدمت إسرائيل على ما فعلت!!.. وربّما تم الاتفاق على أن تكون ردة الفعل هي استنكارات "سامجة".. أو علاج المرضى والمصابين!!
إنّ الأمة الإسلامية اليوم تبحث عن قائد صادق ناصح أمين قوي يخرجها من التيه الذي دخلت إليه، وينشلها من قاع الذل والهوان، قائد يجمع كلمتها ويؤلف بين صفوفها، قائد قوي بربه جل وعلا لا يفكر بمصالحه الخاصة إنّما همه عزة الأمة وكرامتها، والأمة تبحث عن هذا القائد لتعطيه الشرعية الكاملة، وتبايعه على السمع والطاعة، وهذه الأمة إذا فقدت الأمل في قياداتها السياسية فإنّها تبحث عن أي عالم كامل صادق لا يخاف في الله لومة لائم، فقيه في أمر واقعه، يعرف كيف يزن الأمور وينزلها منازلها، فإذا وجدته فهو الذي سيجدد لهذه الأمة عزها وكرامتها، ويعيد لها قيادتها، فإن لم يكن عالما واحدا يقدر على هذه المهمة فإنّها مجموعة من العلماء تظلهم مظلة واحدة يصدعون بالحق ويقودون أمة الإسلام.. فأين العلماء العاملون؟
إذا كان بكاء الأطفال ونوح الثكالى وصياح الأيامى لا يحرك فينا أي شعور، ولا يجعلنا بعد البكاء نفعل شيئا، فأين الإيمان إذا؟!.. وما فائدته في القلوب؟!.. الإيمان بالله يستلزم نصرة المؤمنين بالدعاء والمال والكلمة والمقال، ومن كان يستطيع أن يمد المجاهدين في أرض الإسراء بما يستطيع فليفعل «ومن جهز غازيا فقد غزا» أين منظمات حقوق الإنسان فيما يجري اليوم في غزة، أين المنظمات النسائية وخصوصا العربية منها مما يجري لنساء فلسطين، لماذا لا نسمع صوتهن اليوم؟! أين اللواتي يصرخن ملىء أفواههن في الجمعيات النسائية يطالبن بحق المرأة في الإنتخاب والترشيح وحقها بالاختلاط بالرجال!! وحقها في تولي الولايات العامة!! أين أصواتهن اليوم للمطالبة بحق المرأة "بالحياة" في فلسطين؟! بل حقها بدفن أطفالها دفنا كريما؟!! بل بحقها بتكفينها ودفنها دفنا كريما بعد موتها؟!!.. أم أنّ الأمر لا يعنيهن!!
إنّ الشعوب الإسلامية اليوم معنية بالتحرك لتغيير حال هذه الأمة وإيقاف العبث في مقدراتها من أجل مصالح بعض عملاء العدو الصهيوني، وهي معنية بالبدء بمشروع إغاثة كبير لهذه الأمة على المستوى السياسي والعسكري والاقتصادي والاجتماعي، ويجب ألا تنسى هذه الشعوب أنّ الإصلاح الديني والأخلاقي هو العمود الفقري لكل تغيير ونهضة، ولتبدأ المؤسسات والمنظمات والجمعيات الأهلية بحملات تغيير شاملة ودعوات للملمة الشتات وجمع الكلمة على القضايا الكلية لهذه الأمة، وليكن التنسيق بين هذه المؤسسات والمنظمات بداية مرحلة جديدة في تاريخ هذه الأمة.
اللّهم انّا نشكو إليك ضعف قوتنا وقلة حيلتنا وهواننا على النّاس يا رب المستضعفين.
اللّهم أعز الاسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، وانصر عبادك المجاهدين في كل مكان، اللّهم آمين.